الاثنين، 30 مارس 2020

نبذة مختصرة عن نزار قباني


نتائج البحث

مقتطَف مميَّز من الويب

نبذة عن نزار قباني
وُلد الشاعر الكبير نزار قباني في الواحد من عشرين من آذار عام 1923 في مدينة دمشق عاصمة سورية، لعائلة أدبية تجارية فوالده توفيق قباني كان مالكا ً لمصنع شوكولا، بينما الكاتب والمسرحي أبو خليل القباني هو أحد أقاربه. ... توفي في لندن في 30 نيسان عام 1998 ودفن في دمشق

الفم المطيب


هذا فمٌ مطيب
ينبع منه المغرب
يرقد طفلٌ متعب
عاتبني .. أتعرف
صلى على ضفافه
وعد هوىً معذب
منه ، انتظارٌ مرعب
دار .. فألف رغبةٍ
الياسمين تحته
مخدةٌ وملعب
لو لم يكن .. في وجهك
البريء .. قلت : مخلب
مخلبٌ مهذب !
مخدةٌ وملعب
***
لو لم يكن .. في وجهك
البريء .. قلت : مخلب
لكنه – إذا غفرت –
مخلبٌ مهذب !
***

القبلة الاولى


عامان .. مرا عليها يا مقبلتي
وعطرها لم يزل يجري على شفتي
كأنها الآن .. لم تذهب حلاوتها
ولا يزال شذاها ملء صومعتي
إذ كان شعرك في كفي زوبعة
وكأن ثغرك أحطابي .. وموقدتي
قولي. أأفرغت في ثغري الجحيم وهل
من الهوى أن تكوني أنت محرقتي
لما تصالب ثغرانا بدافئة
لمحت في شفتيها طيف مقبرتي
تروي الحكايات أن الثغر معصية
حمراء .. إنك قد حببت معصيتي
ويزعم الناس أن الثغر ملعبها
فما لها التهمت عظمي وأوردتي؟
يا طيب قبلتك الأولى .. يرف بها
شذا جبالي .. وغاباتي .. وأوديتي
ويا نبيذية الثغر الصبي .. إذا
ذكرته غرقت بالماء حنجرتي..
ماذا على شفتي السفلى تركت .. وهل
طبعتها في فمي الملهوب .. أم رئتي؟
لم يبق لي منك .. إلا خيط رائحة
يدعوك أن ترجعي للوكر .. سيدتي
ذهبت أنت لغيري .. وهي باقية
نبعا من الوهج .. لم ينشف .. ولم يمت
تركتني جائع الأعصاب .. منفردا
أنا على نهم الميعاد .. فالتفتي
***

العين الخضراء


"جاءت وفي يدها دفتر صغير...
ورغبت إلى الشاعر أن يكتب شعراً
في عينيها...
فإلى صباح عينيها الخضراوين
هذه الحروف..."
قالت: ألا تكتب في محجري ؟
وانشق لي حرجٌ .. ودربٌ ثري
إنهض لأقلامك .. لا تعتذر
من يعص قلب امرأةٍ .. يكفر ..
يلذ لي .. يلذ لي .. أن أرى
خضرة عيني .. على دفتري
***
وارتعشت جزيرةٌ في مدىً
مزغردٍ .. معطرٍ .. أنور
خضراء ، بين الغيم مزروعةٌ
في خاطر العبير لم تخطر ..
يروون لي أخبار صفصافةٍ
تغسل رجليها على الأنهر ..
لا تسبلي ستارةً غضةً
دمي .. لشباك هوىً أخضر
خلي مسافاتي .. على طولها
بالله .. لا تحطمي منظري ..
***
جاءت مع الصباح لي غابةٌ
تقول : من نتف لي مئزري ؟
حشدت أوراق الربى كلها
ضمن إطارٍ .. بارعٍ .. أشقر
يا عين .. يا خضراء .. يا واحةً
خضراء ترتاح على المرمر..
أفدي اندفاق الصيف من مقلةٍ
خيرةٍ .. كالموسم الخير
يا صحو .. أطعمتك من صحتي
لا يوجد الشتاء في أشهري..
***
في عينها .. لون مشاويرنا
نشرد بين الكرم والبيدر
والشمس .. والحصاد.. والمنحنى
إذ نهدك الصبي لم ينفر..
أي صباحٍ لبلادي غفا
وراء هدبٍ ، مطمئنٍ ، طري..
عيناك .. يا دنيا بلا آخرٍ
حدودها .. دنيا بلا آخر
كسرت .. آلاف النجوم على
دربٍ ستجتازينه .. فكري..
***

الغابة السوداء


عيناك..
مجهولان نائمان في عباءة المجهول.
وغابةٌ مقفلةٌ..
لا أحدٌ يعرف ما يحدث في داخلها،
فبعضهم،
يقول فيها أممٌ منسيةٌ
وبعضهم،
يقول في أعماقها، جنيةٌ
وبعضهم، يقول فيها غول...
لا أحدٌ..
يعرف ما يحدث في الغابة من عجائبٍ
لا أحدٌ يجرؤ أن يقول.
فالليل فيها ضائعٌ
والذئب فيها جائعٌ
والرجل الأبيض، فوق رمحه، مقتول...
***

العقدة الخضراء


يا عقدتي .. ارتفي مطل اخضرار
ويا نهاري ، قبل كون النهار
ويا قلوع الصحو .. منشورةً
يصفق الشباك ، شباكنا
عش عصافيرٍ مع الصيف طار..
تختبئ النحلات في ظلها
فبينها وبينه .. ألف ثار
ضل .. فما هذا زمان البذار
قطعة صحوٍ .. رطبت سهلنا
فارتاح نبعٌ ، واستلذ انحدار
***
توقفي .. ولو للم الإزار
قطعة صحوٍ .. رطبت سهلنا
فارتاح نبعٌ ، واستلذ انحدار
وللنجميمات علي انهمار..
***
توقفي .. ولو للم الإزار
لكل قرميدٍ لدينا يدٌ
قطعة صحوٍ .. رطبت سهلنا
فارتاح نبعٌ ، واستلذ انحدار
للشرق – إما طفرت – ضحكةٌ
وللنجميمات علي انهمار..
***
إن لحت قبل الشمس في بابنا
توقفي .. ولو للم الإزار
لكل قرميدٍ لدينا يدٌ
وكل شباكٍ لدينا انتظار..
***

العطر


العطر لغةٌ لها مفرداتها ، وحروفها ، وأبجديتها ، ككل
اللغات .
والعطور أصنافٌ وأمزجة .
منها ما هو تمتمة ..
ومنها ما هو صلاة ..
ومنها ما هو غزوةٌ بربرية ...
وللعطر المتحضر روعته ..
كما للعطر المتوحش روعته أيضاً ..
وهذا بالطبع يتوقف على الحالة النفسية التي نكون فيها،
عندما نستقبل العطر . وعلى نوع المرأة التي تستعمل
العطر .
والرجل أيضاً ، يلعب لعبته في تقييم العطر ..
بمعنى أن أنف الرجل مرتبطٌ بثقافته ، وتجربته، ومستواه
الحضاري .
هناك رجالٌ يفضلون العطور التي تهمس..
منهم من يفضلون العطور التي تصرخ..
ومنهم من يفضلون العطور التي تغتال ....
ثم أن نوعية علاقتنا بالمرأة تلعب دورها في تحديد نوع
العطر الذي يقنعنا ..
فعطر العشيقة شيء ..
وعطر الحبيبة شيءٌ آخر ..
وعطر الطالبة ذات السبع عشر سنة شيء ..
وعطر السيدة في الأربعين شيءٌ مختلف ..
وبالنسبة لي، يتغير العطر الذي أحب ، بتغير حالتي النفسية ..
ففي بعض الأحيان ، أحب العطر الذي نسي الكلام ...
وفي بعض الأحيان ، أحب العطر الذي يدخل في حوار
طويل معي ..
وفي بعض الأحيان أحب العطر المسالم ..
وفي بعض الأحيان أحب العطر المتوحش ..
والعدواني ..
على أن خياري الأول والأخير، في مسألة العطر ، هو
أنني أحب المرأة ـ الغمامة التي تخرج من تحت الدوش
وهي لا تحمل على جسدها إلا رائحة الصابون ..
وقطرات الماء ...
***

الطيور السويسرية


حملت جرائدي العربية
وجلست لأقرأها
على ضفاف بحيرة جنيف
فجأةً..
هربت مئات الطيور، مذعورة
كأنها خافت على ثقافة أولادها
من عناوين جرائدي..
وأخبار بلادي...
***


العصفور


لو حميناه من البرد قليلا..
وحميناه من العين قليلا..
لو غسلنا قدميه بمياه الورد والآس قليلا..
آه .. لو نحن أخذناه إلى ساحات باريس العظيمه
وتصورنا معه..
مرةً في ساحة (الفاندوم) أو في ساحة (الباستيل)
أو في الضفة اليسرى من السين..
آهٍ .. لو تدحرجنا على الثلج معه..
وهو بالقبعة الزرقاء يجري..
ودموعي جدولٌ يجري معه..
2
آه .. لو نحن أخذناه إلى عالم (ديزني)..
وركبنا في القطارات التي تمرق من بين ملايين
الفراشات إلى قوس قزح..
آه .. لو نحن استجبنا لأمانيه الصغيرات..
وآهٍ.. لو أكلنا معه (البيتزا) بروما..
وتجولنا بأحياء فلورنسا..
وتركناه ليرمي خبزه لطيور (البندقيه)..
فلماذا هرب العصفور منا يا شقيه؟
قد رسمناه بأهداب الجفون
ونحتناه بأحداق العيون
وانتظرناه قروناً .. وقرون
فلماذا هرب العصفور منا؟
دون أن يلقي التحيه...
3
ربما.. لو أنت من جنتك الخضراء ، يا سيدتي..
لم تطرديه ..
ربما .. لو أنت ، يا سيدتي ، لم تقتليه..
كان سلطان زمانه..
ربما ... لو كان حياً
دخل الشمس على ظهر حصانه
ربما .. لو قال شعراً..
يقطر السكر من تحت لسانه
ربما .. لو شاء يوماً أن يغني..
يطلع الورد على قوس كمانه..
ربما .. لو ظل حياً..
حرك الأرض بأطراف بنانه..
4
لا تقولي : (لا تؤاخذني ) ..
فقد كان قضاءً وقدر..
هل يكون الجهل والسخف قضاءً وقدر؟
قمراً كان..
ومن يقتل ، يا سيدتي ، ضوء القمر؟
وتراً كان..
ومن يقطع من عودٍ وتر؟
مطراً كان ..
ولن يأتي إلينا مرةً أخرى المطر..
أنت لو أعطيته الفرصة يا سيدتي..
ربما كان المسيح المنتظر...
5
آه .. يا قاتلة الحلم الجميل المبتكر..
مؤسفٌ أن يقتل الإنسان حلما..
مؤسفٌ أن تكسري في الأفق نجما..
يا التي تبكي طوال الليل عصفور الأمل
سبق السيف العزل..
لا تلوميني إذا ما يبس الدمع بعيني
وصار القلب فحما..
فأنا كنت أباً..
مدهش الأحلام.. لكن
أنت ، يا سيدتي ، ما كنت أما..
***

الطيران فوق سطح العالم


1
قررت نهائياً.. أن أتفرغ لك..
فليس هناك قضيةٌ
تستحق أن يموت الإنسان من أجلها
إلا حبك..
ولا محطةٌ تستحق الوقوف فيها
إلا محطة شعرك الليلي
وليس هناك أيديولوجية متكاملة
أكثر إقناعاً من تقاطيع وجهك..
وليس هناك مكانٌ للانتحار
أعلى من ذروة نهديك..
لقد جربت كل الأعمال اليدويه
من رسمٍ على الزجاج..
وحفرٍ على الخشب
واستنفدت جميع امكانيات الصلصال والسيراميك
فلم أكتشف آنيةً خزفيةً
أكثر تناسقاً من جسدك
وأصغيت إلى عشرات التنويعات على البيانو
فلم أستمع إلى معزوفةٍ
أحسن تأليفاً من أصابعك...
3
أن أتخلى عن جواز سفري
وأصبح واحداً من رعاياك.
قررت نهائياً..
أن أتعلق بأية سحابةٍ
هاربةٍ مع أطفالها باتجاه البحر
فلم يعد لي وطنٌ ألتجئ إليه..
سوى سواحل يديك..
أنت الوطن الأخير الباقي على خريطة الحريه
أنت الوطن الأخير الذي أطعمني من جوعٍ..
وآمنني من خوف..
وكل الأوطان الأخرى.. أوطانٌ كاريكاتوريه
كرسوم والت ديزني..
أو بوليسية...
كمؤلفات آغاتا كريستي..
أنت آخر سنبله..
وآخر قمر..
وآخر حمامه..
وآخر غمامه
وآخر مركبٍ أتعلق به..
قبل وصول التتار....
*
أنت آخر وردةٍ أشمها
قبل أن ينتهي زمن الورد..
وآخر كتابٍ أقرؤه..
قبل أن تحترق كل المكتبات
وآخر كلمةٍ أكتبها
قبل أن يأتي زوار الفجر
وآخر علاقةٍ أقيمها مع امرأه
قبل أن تصبح الأنوثه
كلمةً نفتش عنها بالعدسات المكبره
في المعاجم والموسوعات....
4
قررت أن أذهب معك..
وآخر نقطةٍ من دمي...
إنني مشتاقٌ إلى الجزر التي لا تتعامل مع الوقت
ولا تقرأ الجرائد اليوميه
لم يعد عندي أي متاعٍ يؤسف عليه...
فلحمي.. أكلته الأسماك بين بيروت ولارنكا
ووطني..
نشلوه من جيبي قبل أن أصعد إلى ظهر
السفينه...
وتذكرة هويتي...
عليها صورة رجلٍ آخر..
كان يشبهني قبل خمسين عاماً..
ماذا تنتظرين كي تفتحي قلوع شعرك الأسود؟؟
إن رائحة الملح والتوتياء في الميناء
تخترقني كسيفٍ معدني
فلماذا لا تفتحين واحداً من شرايينك لإيوائي؟
أنا الذي فتحت جميع شراييني..
لاستقبالك...
5
لم يعد عندي أسئلةٌ أطرحها
فأنت والبحر..
لم يعد عندي ارتباطاتٌ بأي حجر...
أو بأية شجره
أو بأية رائحه..
أو بأية خزانة ملابس..
فكل ما تبقى لي..
هو سروال الجينز الأزرق الذي ألبسه.
والذي كان رفيق تسكعي..
ورفيق السفر.. والمنفى، والمقاهي،
والقطارات،
وبواخر الشحن، والدوار، والليل، والبراندي،
والجنس، والصراخ العصبي في دهاليز الجنون.
كل ما تبقى لي...
هو هذا الجينز التاريخي..
المغطى بالطعنات.. وفتات الخبز..
وفتات الجنس.. وفتات صرخاتي ودموعي..
والذي صار المتحف القومي لمشاعري..
والمفكرة التي أسجل عليها مواعيد الإقلاع..
والرسو.. ومواعيد الغيبوبة والكحول
وصار، بعد سقوط كل الأوطان..
وطني...
6
لن أعود إلى حماقاتي السابقه..
ولن أسألك إلى أين؟
إن الجغرافيا لم تعد عندي ذات موضوع
العالم.
والمسافة بين ولادتي وموتي تحسب
بالسنتيمرات.
لن أسألك إلى أين؟
المهم.. أن تنتزعيني من ذاكرتي
ومن أوراق الرزنامة العربية..
وترميني على ظهر سفينةٍ
لا ترفع علم أي دوله....
فأنا لم أعد مكترثاً بالممالك.. ولا
بالجمهوريات..
إن زجاجة البراندي..
هي الجمهورية الأكثر عدلاً وأماناً في التاريخ..
فاغسلي قدميك بمائها المقدس
فهذه فرصتنا الوحيده..
للطيران فوق سطح العالم....
إن زجاجة البراندي..
هي الجمهورية الأكثر عدلاً وأماناً في التاريخ..
فاغسلي قدميك بمائها المقدس
فهذه فرصتنا الوحيده..
للطيران فوق سطح العالم....
***

الطابور


طالبت ببعض الشمس ،
فقال رجال الشرطة :
قف ـ يا سيد ـ في الطابور
طالبت ببعض الحبر ، لأكتب إسمي ..
قالوا: إن الحبر قليلٌ ...
فالزم دورك في الطابور
طالبت بأي كتابٍ أقرأ فيه ..
فصاح قميصٌ كاكيٌ :
من كان يريد العلم ..
فإن عليه ، قراءة منشورات الحزب ..
وأحكام الدستور ..
طالبت بإذنٍ حتى ألقى امرأتي
فأجابوني: إن لقاء المرأة صعبٌ ..
وعلى العاشق ،
أن لا ييأس من طول الطابور
طالبت بإذنٍ ..
حتى أنجب ولداً ..
قال نقيبٌ ، وهو يقهقه :
إن النسل مهمٌ جداً ..
فلتتنظر ، سنةً أخرى ، في الطابور
طالبت برؤية وجه الله ..
فصاح وكيلٌ من وكلاء الله ..
(لماذا ؟)
قلت : لأني إنسانٌ مقهور ..
فأشار إلي بإصبعه
وفهمت بأن المقهورين
لهم أيضاً طابور ...
أرجو أن ألقاك .. ولكن لا تتركني
مثل كلاب الشارع ، في الطابور
من يوم أتيت إلى الدنيا
وأنا مزروعٌ في الطابور
ساقاي تجمدتا في الثلج ،
ونفسي كالورق المنثور
منتظرٌ وطناً .. لا يأتي
وشواطئ دافئةً .. وطيور ..
لا أدري .. كيف أقول الشعر
فحيث ذهبت يلاحقني الساطور ..
كل الأوراق مفخخةٌ..
كل الأقلام مفخخةٌ ..
كل الأثداء مفخخةٌ ...
وسرير الحب ..
يريد جواز مرور ...
يا ربي:
وهذا الوطن القابع بين الماء .. وبين الماء ..
حزينٌ كالسيف المكسور ..
فإذا ودعنا كافوراً ..
يأتينا .. أكثر من كافور ..
يا ربي :
إن الأفق رماديٌ
إن كنت تريد مساعدتي
يا ربي .. فاجعلني عصفور ...
وأنا أشتاق لقطرة نور
إن كنت تريد مساعدتي
يا ربي .. فاجعلني عصفور ...
***

الضفائر السود


"رآها تتسرح مرة وتنثر
الليل على كتفيها ..."
يا شعرها .. على يدي
شلال ضوءٍ أسود ..
ألمه .. ألمه
سنابلاً لم تحصد ..
لا تربطيه .. واجعلي
على المساء مقعدي ..
من عمرنا .. على مخدات
الشذا ، لم نرقد ..
***
وحررته .. من شريطٍ
أصفر .. مغرد
واستغرقت أصابعي
في ملعبٍ .. حرٍ .. ندي
وفر .. نهر عتمةٍ
على الرخام الأجعد ..
تقلني .. أرجوحةٌ سوداء
حيرى المقصد ..
توزع الليل .. على
صباح جيدٍ أجيد
هناك . طاشت خصلةٌ
كثيرة التمرد ..
تسر لي .. أشواق صدرٍ
أهوج التنهد ..
ونبضة النهد الصغير
الصاعد .. المغرد
تستقطر النبيذ من
لون فمٍ لم يعقد ..
وترضع الضياء .. من
نهدٍ .. صبي المولد
***
قد نلتقي في نجمةٍ
زرقاء .. لا تستبعدي
تصوري .. ماذا يكون العمر
لو لم توجدي !
***

الطبيب الذهبي


أنقطة نورٍ .. بين نهديك ترجف
صليبك هذا .. زينةٌ أم تصوف ؟
على قالبي شمعٍ .. يمد بساطه
ومن دورقي ماسٍ .. يعل ويرشف
تدلى كعنقود اللهيب .. وحوله
تثور الأماني ، والقميص المرفرف
يتوه على كنزي بياضٍ ونعمةٍ
ويكرع من حقي رخامٍ .. ويسرف
تكمش بالصدر الفطيم .. فتارةً
يقر .. وطوراً يستثار ويعنف
***
أمرتعش الأسلاك .. يا لون حيرتي
سريرك مصقولٌ .. وأرضك متحف
مداك أضاميم القرنفل .. فانطلق
على زحمة الأفياء .. دربك مترف
أتشكو ؟ وهل يشكو الذي تحت رأسه
حريرٌ .. وأضواءٌ .. ووردٌ منتف
أجامحة السلسال .. إني شاعرٌ
حروفي لهيب الله .. هل نتعرف ؟
طلعت على عمري خيال نبيةٍ
صليبٌ .. وسلسالٌ ثمينٌ .. ومعطف
ترهبت في عمر الورود .. ومن له
براءة هذا الوجه ، هل يتقشف
أتبغين مرضاة السماء .. وإنما
بمثلك تعتز السماء وتشرف
***
أذات الصليب اللؤلؤي .. تلفتي
وراءك هذا المؤمن المتطرف
فلا تمنعي أجري .. وأنت جميلةٌ
ولا تقطعي حبلي .. ودينك ينصف
على صدرك المعتز .. ينتحر الأسى
وتبرا جراحات المسيح وتنشف ..
***

الصفحه الاولى


1
كغابةٍ مشتعله
تشعلين الحبر...
تشعلين يدي..
إصبعاً...
إصبعاً...
حتى أصير شمعداناً
في كنيسةٍ بيزنطيًه..
2
وتدخلين فيها..
شريان الليل،
وتدخل فيه...
تطعنين الورق الأبيض في خاصرته
ينزف الورق حماماً أبيض..
قطناً أبيض..
حزناً أبيض..
وموسيقى بيضاء..
وتنسجين في آخر الليل من لحمي..
كخنجرٍ متوحش...
لا أريد أن يغادرني..
3
تأتين من لا جهه....
أعني، من كل الجهات تأتين
أزهارٌ طازجه
وفي حقيبتك،
نهدان موضوعان في كيسٍ من البلاستيك
وأنوثةٌ مؤجله...
4
تطلبين مني، توصيةً للبحر
حتى يجعلك سمكه...
وتوصيةً للعصافير
حتى تعلمك الحريه...
حتى يعترف، بأنك امرأه..
حتى يؤجل موعد ذبحك....
5
أفتح لك اللغة على مصراعيها
أفتح لك توركواز البحر
وفضاءات القصائد المستحيله
أعطيك نصف سريري...
ونصف بطانيتي..
وأشاركك خبز المنفى
5
أفتح لك اللغة على مصراعيها
أفتح لك توركواز البحر
وفضاءات القصائد المستحيله
أعطيك نصف سريري...
ونصف بطانيتي..
وأشاركك خبز المنفى
ونبيذ الحريه...
***

الشمس


الشعر والديك
مصابان بجنون العظمة
فهما مقتنعان
أن شمس الصباح
تطلع من حنجرتيهما
***

الشقيقتان



قلم الحمرة .. أختاه .. ففي
شرفات الظن، ميعادي معه
أين أصباغي.. ومشطي .. والحلي؟
إن بي وجدا كوجد الزوبعة
ناوليني الثوب من مشجبه
ومن الديباج هاتي أروعه
سرحيني .. جمليني .. لوني
ظفري الشاحب إني مسرعة
جوربي نار .. فهل أنقذته؟
من يد موشكة أن تقطعه
ما كذبت الله .. فيما أدعي
كاد أن يهجر قلبي موضعة
رحمة .. يا هند هل أمضى له
وأنا مبهورة .. ممتقعة ..
إنه الآن .. إلى موعدنا
جبهة .. باذخة .. مرتفعة
ورداء يحصد الشمس .. جوى
وفم لون الفصول الأربعة
لا أسميه .. وإن كان اسمه
نقرة العود .. وبوح المزرعة
لو سألت الريش من أجفانه
أتقي البرد به .. لاقتلعه
ركزي يا هند شغلى .. فعلى
سحبات الرصد ميعادي معه

الشفه


منضمةٌ .. مزقزقه
مبلولةٌ كالورقه
سبحانه من شقها
كما تشق الفستقه
نافورةٌ صادحةٌ
وفكرةٌ محلقه
وعاء وردٍ أحمرٍ
في غرفةٍ مزوقه
وباقةٌ من كرزٍ
بأمها معلقه
ماذا على السياج؟
أي وردةٍ ممزقه
قرت على لين الحرير
لوحةً موفقه..
وعرشت على بياض
وجهها كالزنبقه
رفيقةٌ للهدب ،
للجديلة المصفقه
للمقلة الخضراء..
للغلالة المغرورقه
كم قبلةٍ زرعتها
منغومةٍ مموسقه
على فمٍ كأنما
خلاقه ما خلقه
وأنت فوق ساعدي
مأخوذةٌ مستغرقه
مرتاعةً .. ضفيرةً
حيرى ، وعيناً مغلقه
أبيننا .. ما بيننا
وأنت خجلى مطرقه ؟
***

الشجرة


كونى..
كونى امرأة خطرة..
كى اتأكد -حين اضمك
انك لست بقايا شجرة..
احكى شيئاً..
قولى شيئاً..
غنى.ابكى.عيشى.موتى.
كى لايروى يوماً عنى
ان حبيبة قلبى ..شجرة..
كونى السم..وكونى الافعى
كونى السحر..وكونى السحرة
لفى حولى..
لفى حولى..
كى اتحسس دفء الجلد,وعطر البشرة..
كى اتأكد -ياسيدتى-
ان فروعك ليست خشباً..
ان جذورك ليست حطباً..
سيلى عرقاًً..
موتى غرقاً..
كى لايروى يوماً عنى
انى كنت اغازل شجرة..
كونى فرساً.ياسيدتى
كونى سيفاً يقطع..
كونى قبراً..
كونى حتفاً..
كونى شفة ليست تشبع
كونى صيفاً افريقياً..
كونى حقل بهار يلذع..
كونى الوجع الرائع..انى
اصبح رباًً..إذ أتوجع
غنى.ابكى.عيشى.موتى
كى لايروى يوماً عنى..
انى كنت اعانق شجرة..
كونى امرأة..ياسيدتى..
تطحن فى نهديها الشهبا
كونى رعداً
كونى برقاً
كونى رفضاً
كونى غضباً
خلى شعرك يسقط فوقى..
ذهباً..ذهباً
خلى جسمك فوق فراشى
يكتب شعراً..
يكتب ادبا..
خلى نهدك فوق سريرى
يحفر قبره
كونى بشراً ياسيدتى..
كونى الارض, وكونى الثمرة..
كى لايروى يوماً عنى ..
انى كنت اضاجع.. شجرة..
***

السياف مسرور



اليوميات
(31)
تلاحقنا الخرافة والأساطير
من القبر، الخرافة والأساطير
ويحكمنا هنا الأموات .. والسياف مسرور
ملايينٌ من السنوات
لا شمسٌ ولا نورٌ
بأيدينا مسامير
وأرجلنا مسامير
وفوق رقابنا سيفٌ
رهيف الحد مسعور
وفوق فراشنا عبدٌ
قبيح الوجه مجدور
من النهدين يصلبنا
وبالكرباج يجلدنا ..
ملايينٌ من السنوات .. والسياف مسرور
يفتش في خزائننا
يفتش في ملابسنا..
عن الأحلام نحملها
عن الأسرار تكتمها الجوارير
عن الأشواق تحملها التحارير..
ملايينٌ من السنوات .. والسياف مسرور
مقيمٌ في مدينتنا
أراه في ثياب أبي
أراه في ثياب أخي
أراه .. ها هنا .. وهنا
فكل رجال بلدتنا..
هم السياف مسرور ....
***

السيرة الذاتية لسياف عربي


1
أيها الناس:
لقد أصبحت سلطانا عليكم
فاكسروا أصنامكم بعد ضلال ، واعبدونى...
إننى لا أتجلى دائما..
فاجلسوا فوق رصيف الصبر، حتى تبصرونى
اتركوا أطفالكم من غير خبز
واتركوا نسوانكم من غير بعل .. واتبعونى
إحمدوا الله على نعمته
فلقد أرسلنى كى أكتب التاريخ،
والتاريخ لا يكتب دونى
إننى يوسف فى الحسن
ولم يخلق الخالق شعرا ذهبيا مثل شعرى
وجبينا نبويا كجبينى
وعيونى غابة من شجر الزيتون واللوز
فصلوا دائما كى يحفظ الله عيونى
أيها الناس:
أنا مجنون ليلى
فابعثوا زوجاتكم يحملن منى..
وابعثوا أزواجكم كى يشكرونى
شرف أن تأكلوا حنطة جسمى
شرف أن تقطفوا لوزى وتينى
شرف أن تشبهونى..
فأنا حادثة ما حدثت
منذ آلاف القرون..
2
أيها الناس:
أنا الأول والأعدل،
والأجمل من بين جميع الحاكمين
وأنا بدر الدجى، وبياض الياسمين
وأنا مخترع المشنقة الأولى، وخير المرسلين..
كلما فكرت أن أعتزل السلطة، ينهانى ضميرى
من ترى يحكم بعدى هؤلاء الطيبين؟
من سيشفى بعدى الأعرج، والأبرص، والأعمى..
ومن يحيى عظام الميتين؟
من ترى يخرج من معطفه ضوء القمر؟
من ترى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلدة؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكرت أن أتركهم
فاضت دموعى كغمامة..
وتوكلت علىلا الله ...
وقررت أن أركب الشعب..
من الآن.. الى يوم القيامه..
3
أيها الناس:
أنا أملككم
كما أملك خيلى .. وعبيدى
وأنا أمشى عليكم مثلما أمشى على سجاد قصرى
فاسجدوا لى فى قيامى
واسجدوا لى فى قعودى
أولم أعثر عليكم ذات يوم
بين أوراق جدودى ؟؟
حاذروا أن تقرأوا أى كتاب
فأنا أقرأ عنكم..
حاذروا أن تكتبوا أى خطاب
فأنا أكتب عنكم..
حاذروا أن تسمعوا فيروز بالسر
فإنى بنواياكم عليم
حاذروا أن تدخلوا القبر بلا إذنى
فهذا عندنا إثم عظيم
والزموا الصمت، إذا كلمتكم
فكلامى هو قرآن كريم..
4
أيها الناس:
أنا مهديكم ، فانتظرونى
ودمى ينبض فى قلب الدوالى، فاشربونى
أوقفوا كل الأناشيد التى ينشدها الأطفال
فى حب الوطن
فأنا صرت الوطنه.
إننى الواحد، والخالد ما بين جميع الكائنات
وأنا المخزون فى ذاكرة التفاح، والناى،
وزرق الأغنيات
إرفعوا فوق الميادين تصاويرى
وغطونى بغيم الكلمات
واخطبوا لى أصغر الزوجات سناً..
فأنا لست أشيخ..
جسدى ليس يشيخ..
وسجونى لا تشيخ..
وجهاز القمع فى مملكتى ليس يشيخ..
أيها الناس:
أنا الحجاج إن أنزع قناعى تعرفونى
وأنا جنكيز خان جئتكم..
بحرابى .. وكلابى.. سوجونى
لاتضيقوا - أيها الناس - ببطشى
فأنا أقتل كى لاتقتلونى....
وأنا أشنق كى لا تشنقونى..
وأنا أدفنكم فى ذلك القبر الجماعى
لكيلا تدفونى..
5
أيها الناس :
اشتروا لى صحفا تكتب عنى
إنها معروضة مثل البغايا فى الشوارع
إشتروا لى ورقا أخضر مصقولاً كأشعاب الربيع
ومدادا .. ومطابع
كل شىء يشترى فى عصرنا .. حتى الأصابع..
إشتروا فاكهة الفكر .. وخلوها أمامى
واطبخوا لى شاعرا،
واجعلوه، بين أطباق طعامى..
أنا أمى.. وعندى عقدة مما يقول الشعراء
فاشتروا لى شعراء يتغنون بحسنى..
واجعلونى نجم كل الأغلفة
فنجوم الرقص والمسرح ليسوا أبدا أجمل منى
فأنا، بالعملة الصعبة، أشرى ما أريد
أشترى ديوان بشار بن برد
وشفاه المتنبى، وأناشيد لبيد..
فالملايين التى فى بيت مال المسلمين
هى ميراث قديم لأبى
فخذوا من ذهبى
واكتبوا فى أمهات الكتب
أن عصرى عصر هارون الرشيد...
6
يا جماهير بلادى:
ياجماهير العشوب العربية
إننى روح نقى جاء كى يغسلكم من غبار الجاهلية
سجلوا صوتى على أشرطة
إن صوتى أخضر الايقاع كالنافورة الأندلسية
صورونى باسما مثل الجوكندا
ووديعا مثل وجه المدلية
صورونى...
وأنا أفترس الشعر بأسنانى..
وأمتص دماء الأبجدية
صورونى
بوقارى وجلالى،
وعصاى العسكرية
صورونى..
عندما أصطاد وعلا أو غزالا
صورونى..
عندما أحملكم فوق أكتافى لدار الأبدية
يا جماهير العشوب العربية...
7
أيها الناس:
أنا المسؤول عن أحلامكم إذ تحلمون..
وأنا المسؤول عن كل رغيف تأكلون
وعن العشر الذى - من خلف ظهرى - تقرأون
فجهاز الأمن فى قصرى يوافينى
بأخبار العصافير .. وأخبار السنابل
ويوافينى بما يحدث فى بطن الحوامل
أيها الناس: أنا سجانكم
وأنا مسجونكم.. فلتعذرونى
إننى المنفى فى داخل قصرى
لا أرى شمسا، ولا نجما، ولا زهرة دفلى
منذ أن جئت الى السلطة طفلا
ورجال السيرك يلتفون حولى
واحد ينفخ ناياً..
واحد يضرب طبلا
واحد يمسح جوخاً .. واحد يمسح نعلا..
منذ أن جئت الى السلطة طفلا..
لم يقل لى مستشار القصر (كلا)
لم يقل لى وزرائى أبدا لفظة (كلا)
لم يقل لى سفرائى أبدا فى الوجه (كلا)
لم تقل إحدى نسائى فى سرير الحب (كلا)
إنهم قد علمونى أن أرى نفسى إلها
وأرى الشعب من الشرفة رملا..
فاعذرونى إن تحولت لهولاكو جديد
أنا لم أقتل لوجه القتل يوما..
إنما أقتلكم .. كى أتسلى..
***

السمفونية الجنوبية الخامسة


سميتك الجنوب
يا لابساً عباءة الحسين
وشمس كربلاء
يا شجر الورد الذي يحترف الفداء
يا ثورة الأرض التقت بثورة السماء
يا جسداً يطلع من ترابه
قمحٌ وأنبياء
***
سميتك الجنوب
يا قمر الحزن الذي يطلع ليلاً من عيون فاطمة
يا سفن الصيد التي تحترف المقاومة..
يا كتب الشعر التي تحترف المقاومة..
يا ضفدع النهر الذي
يقرأ طول الليل سورة المقاومة
***
سميتك الجنوب..
سميتك الشمع الذي يضاء في الكنائس
سميتك الحناء في أصابع العرائس
سميتك الشعر البطولي الذي
يحفظه الأطفال في المدارس
سميتك الأقلام والدفاتر الوردية
سميتك الرصاص في أزقة "النبطية"
سميتك النشور والقيامة
سميتك الصيف الذي تحمله
في ريشها الحمامة
***
سميتك الجنوب
سميتك النوارس البيضاء، والزوارق
سميتك الأطفال يلعبون بالزنابق
سميتك الرجال يسهرون حول النار والبنادق
سميتك القصيدة الزرقاء
سميتك البرق الذي بناره تشتعل الأشياء
سميتك المسدس المخبوء في ضفائر النساء
سميتك الموتى الذين بعد أن يشيعوا..
يأتون للعشاء
ويستريحون إلى فراشهم
ويطمئنون على أطفالهم
وحين يأتي الفجر، يرجعون للسماء
***
سيذكر التاريخ يوماً قريةً صغيرةً
بين قرى الجنوب،
تدعى "معركة"
قد دافعت بصدرها
عن شرف الأرض، وعن كرامة العروبة
وحولها قبائلٌ جبانةٌ
وأمةٌ مفككه
***
سميتك الجنوب..
سميتك الأجراس والأعياد
وضحكة الشمس على مرايل الأولاد
يا أيها القديس، والشاعر والشهيد
يا ايها المسكون بالجديد
يا طلقة الرصاص في جبين أهل الكهف
ويا نبي العنف
ويا الذي أطلقنا من أسرنا
ويا الذي حررنا من خوف
***
لم يبق إلا أنت
تسير فوق الشوك والزجاج
والإخوة الكرام
نائمون فوق البيض كالدجاج
وفي زمان الحرب، يهربون كالدجاج
يا سيدي الجنوب:
في مدن الملح التي يسكنها الطاعون والغبار
في مدن الموت التي تخاف أن تزورها الأمطار
لم يبق إلا أنت..
تزرع في حياتنا النخيل، والأعناب والأقمار
لم يبق إلا أنت.. إلا أنت.. إلا أنت
فافتح لنا بوابة النهار
***

الزواج


المأذون..
هو الطاهي الذي
يحول علاقات الحب الجميلة
إلى أسماكٍ مثلجة.
***

الرجل المعدني


شفتاك من حجرٍ.. وصوتك من حجر
ويداك آنيتان من عصر الحجر..
وأنا على طرف السرير.. كنخلةٍ
من ألف قرنٍ.. وهي تنتظر المطر
إنهض.. فإنك حالة ميئوسةٌ
إنهض.. فلا علمٌ لديك ولا خبر..
أنسيتني شكلي.. وشكل أنوثتي
وكسرت أغصاني.. وأتلفت الزهر
إني أعض على بياض شراشفي
وأعض من قهري شبابيك القمر
يا أيها الرجل النحاسي الذي أحببته
خطأً.. وهذا بعض سخرية القدر
الجنس عندك.. كيمياءٌ صرفةٌ
والعشق عندك من تقاليد السفر
يا فاقد الإحساس.. قل لي كلمةٌ
قل لي كلاماً حامضاً.. أو مالحا..
قل لي كلاماً غامضاً.. أو واضحا
قل قصةً.. قل طرفةً
فأنا أموت من الضجر...
يا أيها القروي.. عاملني معاملة الشجر
رش المياه على فمي
إزرع بذورك في دمي..
إزرع مساماتي عصافيراً.. وعبئني ثمر..
يا أيها البدوي.. إحسبني هلالاً أو قمر
إعزف على خصري..
أما شاهدت قبل الآن.. ناياً أو وتر؟
*
يا داخلاً سوق النساء بناقةٍ
ودجاجتين.
أليس هذا من أعاجيب القدر؟
إني بقمة فتنتي وتفجري
وأراك. لا علمٌ لديك ولا خبر
*
يا أيها المتخلف العقلي.. قد أخجلتني
فالناس قد دخلوا إلى عصر الفضاء
وأنت – واأسفي عليك-
بقيت في عصر الحجر..
***

الرسائل المحترقة


أحقاً رسالاتي إليك تمزقت
وهن حبيباتي .. وهن روائعي
أأنكر ما فيهن ؟ لا يا صديقتي
عليهن أسلوبي .. عليهن طابعي
عليهن أحداقي ، وزرقة أعيني
وروعة أسحاري وسحر مطالعي
حروفي .. سفيراتي .. مرايا خواطري
وأطيب طيب في زوايا المخادع
وأجمل ما غنيت .. ما طرزت يد
وأكرم ما أعطت أنامل صانع
بأعصاب أعصابي .. رسمت حروفها
وأطعمتها من صحتي ، من مدامعي
وأنفقت أيامي .. أصوغ سطورها
بدقة مثال ، وأشواق راكع
أجيبي .. أجيبي .. ما مصير رسائلي
فإني مذ ضيعتها ألف ضائع ..
ألم تترك النيران منها بقية
ألم ينج حتى مقطع من مقاطعي ؟
حصيلة عام .. تنتهي في دقائق
وتلتهم النيران كل مزارعي
وتذهب أوراقي التي استهلكت دمي
فلا رجع موال .. ولا صوت زارع
أمطعمة النيران .. أحلى رسائلي
جمالك ماذا كان ؟ لولا روائعي
فثغرك بعض من أناقة أحرفي
وصدرك بعض من عويل زوابعي
أنا بعض هذا الحبر .. ما عدت ذاكراً
حدود حروفي من حدود أصابعي
***

الديك يشرب القهوه


صوت الديك.
مليءٌ بالرجولة..
ولذلك، فإن كل صبايا القرية
يتركن فراشهن المبلل بالأحلام
ليصنعن له، قهوته الصباحية
***

الديك


سبق السيف العزل
سبق السيف العزل
غرق المركب في الليل بنا
قبل أن نبدأ في شهر العسل
واستقال الديك من منصبه
تاركاً من خلفه،
عشرين ديوان غزل
واستقال الليل من عبء الهوى
واستقال الثغر من نار القبل
فلماذا أنت في المسرح يا سيدتي
بعد أن مات البطل؟؟
***

الدفاتر القديمة


أيتها الرفيعة التهذيب، والرجعية الآراء
يا امرأةً تصر أن تكون بين الأرض والسماء..
لربما كان من الغباء
أن نفتح الدفاتر القديمه
ونرجع الساعة للوراء..
وربما كان من الغفلة والغرور..
أن يدعي الإنسان أن الأرض لا تدور
والحب لا يدور..
والغرف الزرقاء بالعشاق لا تدور..
وربما كان من الغباء..
أن نتحدى دورة الفصول..
ومنطق الأشياء
ونخرج الأزاهر الحمراء من عباءة الشتاء..
وربما كان من الغباء
أيتها الرفيعة التهذيب، والرجعية الآراء
بعد ثلاثين سنه..
أن نبدأ الحديث من أوله..
فالطائر الذكي لا يكرر الغناء..
***

الدمية


أخاطب عقلك من غير طائل..
أخاطب فكرك من غير طائل...
أخاطب فيك الثقافة..
من غير طائل..
ولكنني، لا أرى غير جسمٍ مثيرٍ
وأسمع في قدميك
رنين الخلاخل...
***

الدخول الى هيروشيما


مبللٌ.. مبللٌ
قلبي ، كمنديل سفر
كطائرٍ..
ظل قروناً ضائعاً تحت المطر..
زجاجةٌ..
تدفعها الأمواج في بحر القدر
سفينةٌ مثقوبةٌ
تبحث عن خلاصها،
تبحث عن شواطئٍ لا تنتظر..
*
قلبي يا صديقتي!
مدينةٌ مغلقةٌ..
يخاف أن يزورها ضوء القمر
يضجر من ثيابه فيها الضجر..
أعمدةٌ مكسورةٌ
أرصفةٌ مهجورةٌ
يغمرها الثلج وأوراق الشجر..
قبلك يا صغيرتي..
جاءت إلى مدينتي
جحافل الفرس وأفواج التتر
وجاءها أكثر من مغامرٍ..
ثم انتحر..
فحاذري أن تلمسي جدرانها
وحاذري أن تقربي أوثانها
فكل من لامسها..
صار حجر..
*
مدينتي..
مالك من مدينتي؟.
فليس في ساحاتها..
سوى الذباب والحفر..
وليس في حياتها
سوى رفيقٍ واحدٍ.
هو الضجر..
***

الخط الاحمر


خلال خمسين سنه
عرفت ألف امرأةٍ .. وامرأةٍ ..
وألف جسمٍ رائعٍ
وألف نهدٍ نافرٍ ..
لكنني ..
لم أخلط النساء بالدفاتر
والحبر بالضفائر
ورنة القوافي
برنة الأقراط والأساور
فثم خطٌ أحمرٌ رسمته
بين العشيقات .. وبين الشاعر ...
***

الخروج عن النص


1
أرسم على كراستي مهرين صغيرين
يلعبان على ساحل البحر
ويرشان بعضهما بالماء
واحدٌ له جناحٌ من صوف الأنغورا
والثاني له جناحٌ من دانتيل فينيسيا
واحدٌ يأكل العشب من مراعي القمر
وواحد يأكل العشب من مراعي صدري
واحدٌ.. أضع على رأسه نقطةً حمراء
وواحدٌ.. أتركه بلا تنقيط
أرسم على كراستي مهرين صغيرين
واحدٌ تعود أن يرضع حليب أمه..
والثاني تعود أن يرضع دمي..
وأسميهما مجازاً (النهدين)..
يكفرني الذين لم يشاهدوا في حياتهم نهداً حقيقياً.
لأنني رسمت على كراستي حصاناً
وعندما انتهيت من رسم الحصان
قفز من الكراسة، وطار..
يعتبرون عملي بدعةً
وخروجاً عن النص..
فالنص سجنٌ للنساء
النهد انقلابٌ أبيض
النص نظام استعماري قديم
النهد حركة ليبراليه..
النص زجاجةٌ ضيقة العنق
والنهد سمكه...
3
عندما أخبرهم أنني عرفت في أسفاري
نهوداً من جزر تاهيتي
تنبت كأشجار جوز الهند
ونهوداً من بساتين شط العرب
تنط على كتف الرجل.. كضفدعةٍ نهريه
ونهوداً من تايلاند
تختصر رقة كونفوشيوس
وعنف ماوتسي تونغ..
ونهوداً من جنوب السودان
لها رائحة البن المحروق
تدخل في خاصرة العاشق
ولا تخرج.. إلى أن يشاء الله..
4
يدينني..
أرنباً يركض
يطلقون النار على أسماكي..
وضفادعي..
وأزاهيري الاستوائيه..
يطلقون النار على حصاني
لأنه حملك على ظهره ذات ليله
ومشى سبعة أيامٍ.. وسبع ليالٍ
حتى أوصلك بسلامة الله
إلى شواطئ صدري
ومشى سبعة أيامٍ.. وسبع ليالٍ
حتى أوصلك بسلامة الله
إلى شواطئ صدري
***

الحسناء والدفتر


قالت : أتسمح أن تزين دفتري
.. بعبارةٍ أو بيت شعرٍ واحد
بيت ٍ أخبئه بليل ضفائري
و أريحه كالطفل فوق و سائدي
قل ما تشاء فإن شعرك شاعري
أغلى و أروع من جميع قلائدي
ذات المفكرة الصغيرة .. أعذري
ما عاد ماردك القديم بمارد
من أين ؟ أحلى القارئات أتيتني
.. أنا لست أكثر من سراج خامد
أشعاري الأولى .. أنا أحرقتها
ورميت كل مزاهري وموائدي
أنت الربيع .. بدفئه و شموسه
. ماذا سأصنع بالربيع العائد ؟
لا تبحثي عني خلال كتابتي
شتان ما بيني وبين قصائدي
أنا أهدم الدنيا ببيتٍ شاردٍ
و أعمر الدنيا ببيتٍ شارد
بيدي صنعت جمال كل جميلةٍ
و أثرت نخوة كل نهدٍ ناهد
أشعلت في حطب النجوم حرائقاً
وأنا أمامك كالجدار البارد
كتبي التي أحببتها و قرأتها
ليست سوى ورقٍ .. وحبرٍ جامد
لا تخدعي ببروقها ورعودها
فالنار ميتةٌ بجوف مواقدي
سيفي أنا خشبٌ .. فلا تتعجبي
إن لم يضمك ، يا جميلة ، ساعدي
إني أحارب بالحروف و بالرؤى
ومن الدخان صنعت كل مشاهدي
شيدت للحب الأنيق معابداً
.. وسقطت مقتولاً .. أمام معابدي
.. قزحية العينين .. تلك حقيقتي
هل بعد هذا تقرأين قصائدي ؟
***

الحب واابترول


متى تفهم ؟
متى يا سيدي تفهم ؟
بأني لست واحدةً كغيري من صديقاتك
ولا فتحاً نسائياً يضاف إلى فتوحاتك
ولا رقماً من الأرقام يعبر في سجلاتك ؟
متى تفهم ؟
متى تفهم ؟
أيا جملاً من الصحراء لم يلجم
ويا من يأكل الجدري منك الوجه والمعصم
بأني لن أكون هنا.. رماداً في سجاراتك
ورأساً بين آلاف الرؤوس على مخداتك
وتمثالاً تزيد عليه في حمى مزاداتك
ونهداً فوق مرمره.. تسجل شكل بصماتك
متى تفهم ؟
متى تفهم ؟
بأنك لن تخدرني.. بجاهك أو إماراتك
ولن تتملك الدنيا.. بنفطك وامتيازاتك
وبالبترول يعبق من عباءاتك
وبالعربات تطرحها على قدمي عشيقاتك
بلا عددٍ.. فأين ظهور ناقاتك
وأين الوشم فوق يديك.. أين ثقوب خيماتك
أيا متشقق القدمين.. يا عبد انفعالاتك
ويا من صارت الزوجات بعضاً من هواياتك
تكدسهن بالعشرات فوق فراش لذاتك
تحنطهن كالحشرات في جدران صالاتك
متى تفهم ؟
متى يا أيها المتخم ؟
متى تفهم ؟
بأني لست من تهتم
بنارك أو بجناتك
وأن كرامتي أكرم..
من الذهب المكدس بين راحاتك
وأن مناخ أفكاري غريبٌ عن مناخاتك
أيا من فرخ الإقطاع في ذرات ذراتك
ويا من تخجل الصحراء حتى من مناداتك
متى تفهم ؟
تمرغ يا أمير النفط.. فوق وحول لذاتك
كممسحةٍ.. تمرغ في ضلالاتك
لك البترول.. فاعصره على قدمي خليلاتك
كهوف الليل في باريس.. قد قتلت مروءاتك
على أقدام مومسةٍ هناك.. دفنت ثاراتك
فبعت القدس.. بعت الله.. بعت رماد أمواتك
كأن حراب إسرائيل لم تجهض شقيقاتك
ولم تهدم منازلنا.. ولم تحرق مصاحفنا
ولا راياتها ارتفعت على أشلاء راياتك
كأن جميع من صلبوا..
على الأشجار.. في يافا.. وفي حيفا..
وبئر السبع.. ليسوا من سلالاتك
تغوص القدس في دمها..
وأنت صريع شهواتك
تنام.. كأنما المأساة ليست بعض مأساتك
متى تفهم ؟
متى يستيقظ الإنسان في ذاتك ؟
***

الحب يا حبيبتي


الحب يا حبيبتي
قصيدةٌ جميلةٌ مكتوبةٌ على القمر
الحب مرسومٌ على جميع أوراق الشجر
الحب منقوشٌ على ريش العصافير
وحبات المطر
لكن أي امرأةٍ في وطني
إذا أحبت رجلاً
ترمى بخمسين حجر
***

الحب لايقف على الضوء الاحمر


" أنت في العشرين تستطيع أن تحب..
وأنت في الثمانين تستطيع أن تحب..
هناك دائماً مناسبة لاشتعال البرق.."
فرانسواز ساغان
- - -
إفتتاحية
هذا كتابي الأربعون .. ولم أزل
أحبو كتلميذٍ صغيرٍ .. في هواك
هذا كتابي الأربعون..
ورغم كل شطارتي .. ومهارتي
لم يرض عني ناهداك...
كل اللغات قديمةٌ جداً..
وأضيق من رؤاي ومن رؤاك..
لا بد من لغةٍ أفصلها عليك .. حبيبتي..
لا بد من لغةٍ تليق بمستواك
***
حلقت آلاف السنين.. وما وصلت إلى ذراك
وجلبت تيجان الملوك..
وما حصلت على رضاك..
وصعدت فوق الأبجدية كي أراك..
يا من تخيط قصائدي ثوباً لها..
هل ممكنٌ بين القصيدة .. والقصيدة ..
أن أراك؟؟...
***

الحب في الاقامه الجبرية


1
فالدم الذي كنت أحسب أنه لا يصبح ماءً..
أصبح ماءً..
والسماء التي كنت أعتقد أن زجاجها الأزرق
غير قابلٍ للكسر.. إنكسرت..
والشمس ..
التي كنت أعلقها كالحلق الإسباني
في أذنيك..
وقعت مني على الأرض.. وتهشمت..
والكلمات..
التي كنت أغطيك بها عندما تنامين..
هربت كالعصافير الخائفه..
وتركتك عاريه...
2
بين نهديك..
أو لمضاجعتك..
لم أعد متحمساً للهجوم على أي شيء..
أو للدفاع عن أي شيء..
فقد شقطنا في الزمن الدائري...
حيث المسافة بين يدي وخاصرتك..
لا تتغير...
وبين أنفي ومسامات جلدك..
لا تتغير..
وبين زنزانة فخذيك..
وساحة إعدامي..
لا تتغير...
3
أستأذنك..
بالخروج من هذا الزمن الضيق..
والعواطف الجاهزة كإفطار الصباح
ككمبيالية مستحقة الدفع...
4
أستأذنك..
بأخذ إجازة طويلةٍ.. طويله..
فلقد تعبت..
من حالة اللاشوق.. واللاحب.. التي أنا فيها..
التي صارت عواطفي مربعة كجدرانها..
5
أريد أن أتظاهر ضد حبك الفاشيستي
وأطلق الرصاص..
على قصرك..
وحرسك..
وعربتك البورجوازية الخيول..
أريد.. أن أحتج على سلطتك السرمديه..
الذي سميت به نفسك..
أريد أن أطلق الرصاص..
على صورتك الزيتية..
المعلقة في صالة العرش..
وعلى كل الشعراء،
والنبلاء،
والسفراء..
الذين يدفعون لعينيك الجزيه..
ويسقون نهديك..
حليب العصافير...
6
أريد أن أطلق الرصاص..
على ملابسك المسرحيه..
وعلى عدة الشغل التي تستعملينها في التشخيص..
على الأخضر.. والليكلي..
على الأزرق.. والبرتقالي..
على عشرات القوارير التي جمعت فيها فصائل دمي..
على غابة الخواتم والأساور..
التي استعملتها لابتزازي...
المصنوعة من جلد التمساح..
على دبابيس الشعر..
ومبارد الأظافر...
والسلاسل المعدنيه..
التي لجأت إليها..
لأخذ اعترافاتي...
7
أريد أن أطلق الرصاص..
على صوتك المتسلل عبر أسلاك الهاتف
فلم أعد مهتماً بهواية جمع العصافير...
أريد أن أطلق الرصاص..
على حروف اسمك..
فلم أعد مهتماً..
بهواية جمع الأحجار النادره..
أريد أن أطلق الرصاص..
على كل قصائدي.. التي كتبتها لك..
وعلى كل الإهداءات الهيستيريه..
في ساعات الحب الشديد..
في ساعات الغباء الشديد..
8
أريد أن أذهب إلى البحر..
حيث الشواطئ مفتوحةٌ ككتابٍ أزرق
ففمي.. أصبح كغابة الفطر..
من قلة الشمس..
وعواطفي أصبحت كالمخطوطات القديمه..
من قلة الزائرين..
وقلة القراءة...
9
أريد..
أن أكسر دائرة الطباشير..
وأنهي هذه الرحلة اليوميه..
بين شفتك العليا.. وشفتك السفلى..
بين جسدك البارد كمدن النحاس
10
أريد أن أحتج على شيء ما...
أن أصطدم بشيءٍ ما..
أن أنتحر من أجل شيءٍ ما..
فلم يعد عندي ما أفعله..
سوى أن ألعب الورق مع ضجري
هو يخسر.. وأنا أخسر..
هو يخبرني أنك كنت حبيبه..
هو يعطيني مسدسه لأنتحر..
وأنا أطلعه على مكاتيبك القديمه..
فيقتل نفسه...
ويقتلني...
11
أستأذن في أن أقتلك..
إنني أعرف أن كل غمائم السماء..
وكل الحمائم ستفرش ريشها الأبيض.. تحت
وكل شقائق النعمان..
ستطلع من حقول جسدك..
ولكن برغم هذا..
سأبقى مصمماً على قتلك..
لا من أجلي وحدي..
ولكن من أجل كل الأسرى.. والجرحى.. ومشوهي
الحب..
ومن أجل كل الذين حكمتهم بالأشغال الشاقة
المؤبده..
وفرضت عليهم.
أن ينقلوا الرمل بملاعق الشاي..
من نهدك الأيمن.. إلى نهدك الأيسر..
من نهدك الأيسر.. إلى نهدك الأيمن..
ولا يزالون يشتغلون..
و ... لا ... ي ... ز ... ا ... ل ... و ... ن ...
ي ... ش ... ت ... غ ... ل ... و ... ن ...
وكل الحمائم ستفرش ريشها الأبيض.. تحت
رأسك
وكل شقائق النعمان..
ستطلع من حقول جسدك..
ولكن برغم هذا..
سأبقى مصمماً على قتلك..
لا من أجلي وحدي..
ولكن من أجل كل الأسرى.. والجرحى.. ومشوهي
الحب..
ومن أجل كل الذين حكمتهم بالأشغال الشاقة
المؤبده..
وفرضت عليهم.
أن ينقلوا الرمل بملاعق الشاي..
من نهدك الأيمن.. إلى نهدك الأيسر..
من نهدك الأيسر.. إلى نهدك الأيمن..
ولا يزالون يشتغلون..
ولا يزالون يشتغلون..
و ... لا ... ي ... ز ... ا ... ل ... و ... ن ...
ي ... ش ... ت ... غ ... ل ... و ... ن ...


***

الحب في الجاهلية


شاءت الأقدار، يا سيدتي،
أن نلتقي في الجاهليه!!...
حيث تمتد السماوات خطوطا أفقيه
والنباتات، خطوطا أفقيه...
والكتابات، الديانات، المواويل، عروض الشعر،
والأنهار، والأفكار، والأشجار،
والأيام، والساعات،
تجري في خطوط أفقيه...
------------
شاءت الأقدار...
أن أهواك في مجتمع الكبريت والملح...
وأن أكتب الشعر على هذي السماء المعدنيه
حيث شمس الصيف فأس حجريه
والنهارات قطارات كآبه...
شاءت الأقدار أن تعرف عيناك الكتابه
في صحارى ليس فيها...
نخله...
أو قمر ...
أو أبجديه
***
شاءت الأقدار، يا سيدتي،
أن تمطري مثل السحابه
فوق أرض ما بها قطرة ماء
وتكوني زهرة مزروعة عند خط الاستواء...
وتكوني صورة شعريه
في زمان قطعوا فيه رءوس الشعراء
وتكوني امرأة نادره
في بلاد طردت من أرضها كل النساء
***
أو يا سيدتي...
يا زواج الضوء والعتمة في ليل العيون الشركسيه...
يا ملايين العصافير التي تنقر الرمان...
من تنورة أندلسيه...
شاءت الأقدار أن نعشق بالسر...
وأن نتعاطى الجنس بالسر...
وأن تنجبي الأطفال بالسر...
وأن أنتمي - من أجل عينيك -
لكل الحركات الباطنيه...
***
شاءت الأقدار يا سيدتي...
أن تسقطي كالمجدليه...
تحت أقدام المماليك...
وأسنان الصعاليك...
ودقات الطبول الوثنيه...
وتكوني فرسا رائعه...
فوق أرض يقتلون الحب فيها...
والخيول العربيه...
شاءت الأقدار أن نذبح يا سيدتي
مثل آلاف الخيول العربيه...
***

الحب على شريط تسجيل


1
كلامك ليس يطاق..
وتعبير عينيك ليس يطاق..
وهذي الأغاني التي يتغرغر فيها المسجل
منذ ابتداء النهار، إلى مطلع الفجر
ليست تطاق..
ولا بد لي أن أغادر..
لماذا أظل هنا؟ حين كل الوسائد ضدي..
وكل المقاعد ضدي..
وكل المرايا.. وكل الزوايا .. وكل الستائر..
لماذا أظل هنا بعد موت جميع المشاعر؟
لماذا أظل هنا؟
حين أشعر أني سأشنق في آخر الليل..
فوق الضفائر..
لماذا أظل هنا؟
حين أعرف أني سأدفن تحت رنين العقود..
وضوع البخور..
وشكوى الأساور..
سأذهب حتى أقابل شعري
فإني نسيت تماماً، طريقة رسم الحروف،
نسيت بياض الدفاتر..
فنصفي مقيمٌ لديك
ونصفي مسافر...
3
لكن هذا المناخ العدائي بيني وبينك..
أطفأ كل النجوم،
وأيبس كل البيادر
صحيحٌ.. بأن المكان أنيقٌ
وأن النبيذ عميقٌ
وأن التماثيل رائعةٌ، والأزاهر
ولكنني، رغم هذا الإطار الملوكي حولي،
أحس بأني أموت كشاعر...
4
ويا ست كل الجميلات..
وأن جنودك كثرٌ..
وأن وصالك قهرٌ.. وهجرك قهرٌ..
وأن الذي لا يسبح باسمك كافر
فلا تضعيني.. بقائمة الركع الساجدين
ولا تدخليني.. بجيش الدراويش والصابرين
ولا تحسبيني..
خروفاً تجزين عن جسمه الصوف.. كالآخرين
ولا تستبدي برأيك فوق فراش الهوى
لأني من الله.. لا أتلقى الأوامر...
خروفاً تجزين عن جسمه الصوف.. كالآخرين
ولا تستبدي برأيك فوق فراش الهوى
لأني من الله.. لا أتلقى الأوامر
***

الحاكم والعصفور


أتجول في الوطن العربي
لأقرأ شعري للجمهور
فأنا مقتنعٌ
أن الشعر رغيفٌ يخبز للجمهور
وأنا مقتنعٌ – منذ بدأت –
بأن الأحرف أسماكٌ
وبأن الماء هو الجمهور
أتجول في الوطن العربي
وليس معي إلا دفتر
يرسلني المخفر للمخفر
يرميني العسكر للعسكر
وأنا لا أحمل في جيبي إلا عصفور
لكن الضابط يوقفني
ويريد جوازاً للعصفور
تحتاج الكلمة في وطني
لجواز مرور
أبقى ملحوشاً ساعاتٍ
منتظراً فرمان المأمور
أتأمل في أكياس الرمل
ودمعي في عيني بحور
وأمامي كانت لافتةٌ
تتحدث عن (وطنٍ واحد)
تتحدث عن (شعبٍ واحد)
وأنا كالجرذ هنا قاعد
أتقيأ أحزاني..
وأدوس جميع شعارات الطبشور
وأظل على باب بلادي
مرمياً..
كالقدح المكسور
***

الجورب المقطوع


طائشة المشية .. لا تغضبي
تشمتني الطعنة في الجورب ..
عفواً .. وكر الخيط في شهقةٍ
نادمةٍ .. في أسفٍ مطرب
فالقمر المرسوم في سرعةٍ
يرضعني من جرحه المذهب..
جزيرةٌ .. في صدفةٍ كونت
فاغرز هنا المرساة يا مركبي
ويا فم الجورب .. لا تنطبق
موسمنا أكثر من طيب ..
***
لا تأسفي عليه .. إني هنا
مرمى شبابيكي على المغرب ..
أكوم النجمات في سلتي
لم يتعب الجرح ... ولم أتعب ..
***

الحافية


صامتةٌ أنت..
فهل تدرين بأن يديك الصامتتين..
كتابا شعر؟
حافيةٌ أنت..
فهل تدرين بأن امرأةً حافية القدمين
تغير إيقاع التاريخ،
وتقلب خارطة الدنيا،
وتطيل العمر؟

***

الجنزااتهل يكتب مذكر


1
قاتلت بالأسنان
كي أحمل الماء إلى قبيلتي
وأجعل الصحراء بستاناً من الألوان
وأجعل الكلام من بنفسجٍ
وضحكة المرأة من بنفسجٍ
وثديها .. قمة عنفوان ...
قاتلت بالسيف وبالقصيده
كي أحمل الحب إلى مدينتي .
وأغسل القبح عن الوجوه والجدران
وأجعل العصر أقل قسوةً
وأجعل البحر أشد زرقةً
وأجعل الناس ينامون
على شراشف الحنان ..
3
كي أشعل النيران في ذاكرتي
وفي ثياب من تبقى من بني عثمان .
وأقف الذكور عن إرهابهم
وأنقذ النساء من أقبية السلطان
حفظت للكلمة كبرياءها
ولم أسافر مرةً واحدةً
لأمدح المأمون ..
أو لأمدح الخليفة النعمان ...
4
قاتلت خمسين سنه
ودولة الإنسان .
لكنني اكتشفت أن ما كتبته
ليس سوى حفرٍ على الصوان ..
5
... وها أنا ، من بعد خمسين سنه
تأكلني الأحزان
قد تركوني خلفهم ،
وفضلوا عبادة الشيطان ...
تأكلني الأحزان
لأن من حاولت أن أجعلهم آلهةً ،
قد تركوني خلفهم ،
وفضلوا عبادة الشيطان ...
***

الثقافة المفخخة


كل شيءٍ في حياتنا
صار مفخخاً..
السيارات.. والرسائل.. والطرود البريدية
حتى الثقافة العربية
صارت مفخخة...

***

التنضير


لا أحد يطلب من الوردة
أن تعقد مؤتمراً صحفياً
تتحدث فيه عن تاريخها..
وفصيلة دمها..
وطبقها المفضل..
فلماذا نطلب من القصيدة
أن ترتكب هذه الحماقة؟
***

التناقضات


التناقضات
فشلت جميع محاولاتي
في أن أفسر موقفي
فشلت جميع محاولاتي
مازلت تتهمينني
كأني هوائي المزاج , ونرجسي
في جميع تصرفاتي
مازلت تعتبرينني
كقطار نصف الليل .. أنسى دائما
أسماء ركابي , ووجه زائراتي
فهواي غيب
والنساء لدي محض مصادفات
مازلت تعتقدين .. أن رسائلي
عمل روائي .. واشعاري
شريط مغامرات
وبأنني استعمل اجمل صاحباتي
جسراً إلى مجدي .. ومجد مؤلفاتي
مازلتي تحتجين أني لا احبك
كالنساء الأخريات
وعلى سرير العشق لم أسعدك مثل الأخريات
أهـ من طمع النساء
وكيدهن
ومن عتاب معاتباتي
كم أنتي رومانسية التفكير ، ساذجة
التجارب
تتصورين الحب صندوقاً مليئاً
بالعجائب
وحقول جار دينيا
وليلا لا زوردي الكواكب
مازلت تشترطين
أن نبقى إلى يوم القيامة عاشقين
وتطالبين بان نظل على الفراش ممددين
نرمي سجائرنا ونشعلها
وننقر بعضنا كحمامتين
ونظل أياما .. وأياما ..
نحاور بعضنا بالركبتين
هذا كلام مضحك
انا لست اضمن طقسي النفسي بعد دقيقتين
ولربما يتغير التاريخ بعد دقيقتين ونعود
في خفي حنين
من عالم الجنس المثير
نعود في خفي حنين
فشلت جميع محاولاتي
في أن أفسر موقفي
فشلت جميع محاولاتي
فتقبلي عشقي على علاته
وتقبلي مللي .. وذبذبتي .. وسوء تصرفاتي
فأنا كماء البحر في مدي وفي جزري وعمق تحولاتي
إن التناقض في دمي وأنا احب
تناقضاتي
ماذا سأفعل يا صديقه
هكذا رسمت حياتي
..منذ الخليقة .. هكذا رسمت حياتي
***

التلاميذ يعتصمون في بيت الخليل بن أحمد الفراهيدي


1
أخرج نحو البحر
أرتكب الخيانة العظمي التي
يقال عنها: الشعر
أنتزع الأشكال من أشكالها
أزعزع الأشياء من مكانها
أزرع سكيني بصدر العصر..
أمارس العشق على طريقتي
في الجهر، لا في السر
أفعله تحت المطر
أفعله تحت الشجر
أفعله على حجر..
مخترقاً كل الخطوط الحمر..
أرتكب الشعر .. ولا يهمني
إن قيل هذا بدعةٌ
أو قيل هذا كفر
فلا أريد العفو من خليفةٍ
أو من طويل العمر
ولست أنوي..
حذف بيتٍ واحدٍ كتبته
إن جاء يوم الحشر..
*
أرتكب القصيدة الكثيرة الخطايا
أرتكب القصيدة العظيمة الذنوب
أودع النص الذي يخترع الدروب..
وأكره الشمس التي تطلع في موعدها
وأعشق الشمس التي تطلع دون موعدٍ
من شفة المحبوب..
*
أقلد الشعر الذي يكتبه الأطفال
وأرسم القصيدة – الأرنب، والقصيدة – الغزال
وأرسم القصيدة – النحلة،
والقصيدة – البطة،
والقصيدة – الطاووس،
والقصيدة السنجاب،
والقصيدة الزرقاء كالهلال
وأرسم القصيدة – الإعصار،
والقصيدة – الزلزال،
أحول الأرض إلى فراشةٍ جميلةٍ
أحول الدنيا إلى سؤال...
*
أرتكب القصيدة المغامره
واللغة المغامره
والصور المغامره
ألهث فوق الورق الأبيض كالمجنون
أشرب ضوء القمر الطالع من حدائق العيون
أدخل في رائحة النعناع،
في كثافة السماق،
في تجمع المياه تحت الأرض،
في حرائق العقيق،
في توجع الليمون..
أرتكب الموت على نهدين طائشين
يجهلان، ما هو القانون؟؟
*
أرتكب النبيذ..
والأريكة الخضراء..
والدشداشة المصرية النقوش..
والقرط العراقي الذي
يسرح كالغزال فوق عنقك الطويل ،
والخلخال في الساقين..
والعطر الخرافي الذي يخترق الأعماق كالسكين،
والخصر الذي تحسبه حقيقة
ثم إذا تمسكت به،
يغيب كالظنون..
*
أصرخ تحت المطر الأسود في عينيك..
كالمجنون..
أرحل من مرافئ الشعر الذي كان
إلى مرافئ الشعر الذي يكون....
***

التفكير بالاصابع


ماذا يهمك من أكون؟
حجرٌ..
كتابٌ..
غيمةٌ..
ماذا يهمك من أكون؟.
خليك في وهمي الجميل..
فسوف يقتلك اليقين..
ماذا يهمك من أنا؟
ما دمت أحرث كالحصان
على السرير الواسع..
ما دمت أزرع تحت جلدك
ألف طفلٍ رائع..
ما دمت أسكب في خليجك
رغوتي وزوابعي..
ما شأن أفكاري؟
دعيها جانباً..
إني أفكر عادةً بأصابعي...
***

التقصير


منذ ثلاثين سنه
أحلم بالتغيير
وأكتب القصيدة الثورة.. والقصيدة الأزمة..
والقصيدة الحرير...
منذ ثلاثين سنه
وأكتب التاريخ بالشكل الذي أشاء..
وأجعل النقاط، والحروف ، والأسماء ، والأفعال،
تحت سلطة النساء.
وأدعي بأنني الأول في فن الهوى..
وأنني الأخير..
***
وعندما دخلت .. يا سيدتي
إنكسرت فوق يدي قارورة العبير
وانكسر التعبير...
***
ولا أزال كلما سافرت في عينيك .. يا حبيبتي
أشعر بالتقصير..
وكلما راجعت أعمالي التي كتبتها..
أشعر بالتقصير..
أشعر بالتقصير..
أشعر بالتقصير..
وكلما راجعت أعمالي التي كتبتها..
قبيل أن أراك يا حبيبتي..
أشعر بالتقصير..
أشعر بالتقصير..
أشعر بالتقصير..
***

التعاريف


أنا ضد كل التعاريف في الحب..
فهي جميعاً قوالب..
وضد جميع الوصايا القديمة،
ضد جميع النصوص،
وضد جميع المذاهب..
فلا يصنع الحب إلا التجارب..
ولا يصنع البحر.. إلا الرياح وإلا المراكب
ولا يستطيع الحديث عن الحرب.. إلا المحارب
أنا أفعل الحب.. لكن إذا سألوني عنه.
فإني أفضل أن لا أجاوب
***